وهذا مما يضفى على كلمة الذكر جلالاً ورفعه، لكبرة ما تفترن بذات الجلالة، أو تضاف إلى ضميره جل شأنه، أو يقصد بها القرآن والوحر.
فإذا قال الله لعبده ورسوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ بلغ بهذا أقصى المدى من الإيناس والرفعة، لما يخف بلفظ الذكر من علو قدر.
وتسغى النبوة عن تحديد هذا الرفع للذكر بكذا وكيت مما عده أصحاب التأويل، فحسب محمد أن اصطفاه الله رسولاً، ليكون له من هذا الاصطفاء ما يجاوز كل مطمح لبش يتيم عائل، إبن امرأة من قريش تأكل القديد.
ولهذه البشرية التي قررها القرآن أصلاً من أصول العقيدة، حسابها في تقدير ما للنبوة هنا من رفعه ذكر وجلال قدر، وهي حسبنا، في فهم آية: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ على هدى ما رأينا من كثرة إقتران الذكر في القرآن بالله جل جلالة، واطراد استعماله - معرفاً بأل - علماً على القرآن الكريم والوحي المنزل.
* * *
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾.
في الفاء هنا، مع معنى الترتيب دلالة السببية، فهي تقرر مل يترتب على ما سبق بيانه من شرح الصدر ووضع الوزر ورفع الذكر. وهذا التقرير يأتي مؤكداً بإن، ثم يقوى التأكيد فيه بتكرار الجملة مرتين نفياُ للشك وتقوية للإيناس. والبلاغيون يعدون التكرار، من الإطناب الذي يزيد على المساواة، ويلفتنا من البيان القرآني، أن التكرار يأتي في قصار السور - ومنه القدر، والتكاثر، والكافرون، والناس - حيث لا مجال في مثلها لقول بالإطناب، ولا يكون التكرار إطناباً مع حاجة المقام إليه.
وسورة الشرح قد نزلت مباشرة بعد الضحى التي جاءت على فترة من الوحي، فالتكرار فيها يرسخ في نفس المصطفى الطمأنينة إلى رعاية ربه عز وجل، ويؤنسه - ﷺ -، إلى ما يستقبل من أمره.
وسياق الآيات في الاستفهام التقريرى، وتقوية الإيصال بـ "لك، عنك"