يمهد لهذا التقرير الجازم الحاسم لكل شك، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.
ومن المفسرين، من التفت إلى استعمال "مع" هنا بدلاً من: بعد، أو ما أشبهها مما يفيد التفاوت الزمني. قال الزمخشري: "إن "مع" للصحبة، ومعنى اصطحاب اليسر والعسر أن الله أراد أن يصيبهم - يعني المؤمنين - بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرب اليسر حتى جعله كالمقارن للعسر، زيادة في التسلية وتقوية القلوب".
وهو ملحظ دقيق، وإن كان التعبير عنه قد أعوزته الدقة في موضعين: قوله: يصيبهم، في مقام البشرى، دون ضرورة بيانية تقتضيه، كما أن الآية تقوية للرسول بخاصة، لا للمؤمنين بوجه عام. والسياق قبلها وبعدها. يجعل هذا التخصيص أولى بالمقام.
وقوله: حتى جعل اليسر كالمقارن للعسر.
وقريب منه قول، النيسابروى: "جعل الزمان القريب كالمتصل والمقارن زيادة في التسلية وقوة الرجاء" والشيخ محمد عبده: "والتعبير بالمعية لتوثيق الأمل بأنه لابد منه، كأنه معه".
والأولى إسقاط كاف التشبيه، وفهم الآيتين على أن اليسر مقترن بالعسر إذ تفيد "مع" المصاحبة، لا التشبيه.
والتفتوا كذلك إلى تعريف العسر وتنكير اليسر في الآيتين كلتيهما. ورووا في ذلك حديثاً على النبي - ﷺ -: "لن يغلب عسر يسرين".
فسره الفراء والزجاج: "العسر مذكور بالألف واللام وليس هناك معهود سابق قينصرف إلى الحقيقة، فيكون المراد بالعسر في الموضعين شيئاً واحداً، وأما اليسر فإنه مذكور على سبيل التنكير، فكأن أحدهما غير الآخر....."


الصفحة التالية
Icon