وفي القرآن الكريم، وردت المادة، فعلاً ومصدراً ست مرات: ثلاثاً منها في وصف يوم الهول الأكبر، في آية الزلزلة، وآية الحج ١:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾.
وثلاثاً في وصغ موقف الشدة القاسية والذعر البالغ في هول الحرب بآيات:
الأحزاب ١١: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدً﴾.
البقرة ٢١٤: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾.
وفي المرات الثلاث التي استعمل فيها الفعل، جاء ماضياً مبنياً للمجهول.
قال مفسرون: إن الفاعل حذف للعلم به، غير ملتفتين إلى أنها ظاهرة أسلوبية مطردة في أحداث اليوم الآخر، وقد شغلهم الصنعة البلاغية، عن الالتفات إلى ما في القرآن من أفعال لاتحصى، بنيت للمعلوم مسندة إلى الله تعالى، مع العلم بالفاعل يقيناً، فهو سبحانه خلق السموات والأرض، ونزل القرآن على عبده، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، والله يروق من يشاء بغير حساب، ويعلم الغيب، والرحمن علم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان..... مما يؤنس إلى أن العلم بالفاعل ليس هو السر البياني في بناء ﴿زُلْزِلَتِ﴾ للمجهول، وإنما هي كما قلنا آنفاً، ظاهرة أسلوبية تطرد في مثل هذا الموقف، تركيزاً للإهتمام في الحدث ذاته، وإيحاء بأن الأرض تزلزل عن طواعية، وإستجابة لتسخير تلقائي......
ومجيء الفعل ماضياً، تقرير لأنه حادث فعلاً. وقد صدر بإذا، فصرفته إلى المستقبل دون أن يفقد التعبير أثره الذي يوحى به استعمال الماضي، بدلاً من المستقبل الصريح. على أن المباغتة في ﴿إذا﴾ لها اثرها في هذا الموقف،