تذهل كل مرضعة، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس، عاكة الناس، لا الكفار وحدهم!
* * *
﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾.
أي يوم يحدث ذلك، تحدث الأرض أخبارها.
وسر التعبير بيومئذ هنا، أنه لفت قوي يستحضر معه السامع ما مضى من وصف اليوم، فلا يتابع ما بعد ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ منصرفاً عما قبلها، مستقلاً عنه.
وتحدث الأرض، مما وقف المفسرون عنده طويلاً: فالإمام الطبري يذهب إلى أن تحدث الأرض هنا تمثيل. أي أن حالها وما يقع فيها من الإنقلاب غير المعهود، يعلم السائل ويفهمه الخبر. وتابعه على ذلك جماعة منهم الزمخشري إذ يقول في الكشاف: "والتحدث مجاز عن إحداث الله تعالى فيها من الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان". ومثله في تفسير الشيخ محمد عبده لسورة الزلزلة من جزء عم.
وذهب آخرون، إلى أن التحدث حقيقة لا مجاز، ففي (سنن إبن ماجه) :"تقول الأرض يوم القيامة: يارب هذا ما استودعتني". وعن إبن مسعود: "تحدث الأرض بقيام الساعة إذا قال اإنسان: مالها؟ فتخبر أن أمر الدنيا قد أنقضى، وأن أمر الآخرة قد أتى، فيكون ذلك جواباً لهم عن سؤالهم".
وقال "الطبرسي" في مجمع البيان:
"يجوز أن يكون الله تعالى أحدث الكلام فيها، ويجوز أن يقلبها حيواناً يقدر على النطق، ويجوز أن يظهر فيها ما يقوم مقام الكلام".
وجاء في الكشاف: "وقيل ينطقها الله على الحقيقة، وتخبر بما عمل عليها من خير وشر"
ويبدو أن هذا هو ما اطمأن إليه "أبو حيان"، بقوله في البحر المحيط:
"الظاهر أنه تحديث وكلام حقيقة، بأن يخلق فيها حياة وإدراكاً فتشبه