بما عمل عليها من صالح أو فاسد. وهو قول إبن مسعود والثوري وغيرهما..... ويشهد له ما جاء في "الترمذي" عنه - ﷺ -، أنه قرأ هذه الآة ثم قال: "أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: إن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل كذا يوم كذا وكذا. هذه أخبارها" هذا حديث حسن صحيح غريب".
والبيان القرآني المعجز لا ينطق الجماد الأصم فحسب، بل يجرد منه كذلك شخصية حية، فاعلة ناطقة، مريدة مدركة:
﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ ؟ ق: ٣٠
﴿كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى﴾ المعارج: ١٧
﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ الفرقان: ١٢
﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ الملك: ٧
والتفت المفسرون إلى ما تقتضيه الصنعة النحوية من تقدير مفعول ثان للفعل ﴿تُحَدّث﴾ الذي يتعدى إلى أثنين. وعند أبي حيان أن المحذوف أو لهما، أي تحدث الناس أخبارها.
ونرى القرآن قد بينه بما يغني عن اي تأويل:
﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾.
والإيحاء عند "الزمخشري" مجاز، كقوله تعالى: ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
وقال الطبرسي في مجمع البيان: "أوحى لها، أي ألهمها وعرفها بأن تحدث أخبارها".
* * *


الصفحة التالية
Icon