وبمعنى الوسوسة، وفيها السر والخفاء، في آيتي الأنعام ١١٢، ١٢١:
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾.
وقال الشيخ محمد عبده: "الوحي هم الأمر الإلهي الخاص، قال لها: كوني خراباً، كما قال لها عند إيجادها: كوني أرضاً. فهذا أمر من الأوامر التكوينية التي هي تعلق القدرة الإلهية بما هو أثر لها".
وهي أقوال متقاربة ومقبولة وإن لم يكف تفسير الوحي بالأمر، أو القول، لتبين أثر اللفظ في المعنى، و"الراغب" كان أقرب إلى حس العربية وهدى القرآن حين قال: "الوحي الإشارة السريعة مع الخفاء، فإن كان الموحي إليه حياً فهو إلهام، وإن كان جماداً فهو تسخير".
فالعربية قد استعملت الوحي بمعنى السرعة، فقالت: الوحي الوحي، أي البدار البدار. ومن أمثالهم: الموت بالسيف أوحى، أي أسرع وأحسم.
ولحظ مع السرعة الخفاه، فقيل وحي إليه، أشار وكلمه سراً. ومن الخفاء والسرعة الملحوظين في المادة، جاء الوحي بمعنى الإلهام بملحظ من خفاء مصدره وسرعة حدوثه.
والقرآن استعمل الوحي في خفي الإلهام في:
آية الشورى ٥١: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾.
وآية القصص ٧: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon