وأكثر المفسريمن على أن ﴿يَصْدُرُ النَّاسُ﴾ هنا بمعنى يخرجون من القبور "الزمخشري" ومنهم من يقول بأن معناها: ينصرفون من موقف الحساب، كما في (تفسير الجلالين، ومجمع البيان للطبرسي).
وتفسير يصدر بـ: يخرج أو ينصرف، يفوته إيحاء الكلمة في حس العربية التي استعملت الصدر مقابلا للورد، والعرب قد ألفوا استعماله كذلك، وجرت أمثالهم بأن الوارد يجب أن يعرف كيف يصدر، وإلا ضاع. قال شاعرهم:
وأحرم الناس من لو مات من ظمأ لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا
من ثم لا أجد ما يفسر به الصدر في آية الزلزلة، إلا نقيض الورد، لأن في ربطهما سر الدلالة الموحية بأن الحياة الدنيا ليست بدار مقام، وإنما هي رحلة نجتازها ولابد من تأميد طريق العودة والصدر.
ولا يمكن أن يغني عن "يصدر" في هذا الموقف، أي لفظ آخر أو يقوم مقامه، إذ تتمثل لهم به الدنيا مورداً يجب أن يؤمنوا الصدر عنه. والقرآن قد استعمل اللفظ نفسه، بصريح مقابلته لورد الماء، في قصة موسى وابنى شعيب بآية القصص ٢٣:
"وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ".
وبهذه الآية نستأنس في فهم آية الزلزلة على أن الصدر مقابل الورد، وأبو جيان، قد صرح بأن "الصدر يكون عن ورد" وعقب على هذا بقول الجمهور: هو كون الناس في الأ {ض مدفونين، والصدر قيامهم للعبث.


الصفحة التالية
Icon