وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.
ومظنة الخفاء، لضآلة الحجم، أقرب فيهما كذلك إلى دلالة السياق. على حين تتعين دلالة ﴿مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ على خفة الوزن في الآيات الأربع التالية:
النساء ٤٠: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾.
سبأ ٢٢: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾.
وآيتي الزلزلة.
ززاضح أن المقصود بالذرة فيهما خفة الوزن، وقد حاول محاولون أن يعينوا مقدار الذرة على وجه التحديد: ففي (لسان العرب) عن ثعلب: "إن مائة منها، وزن حبة شعير".
وقال أبو حيان في (البحر) : إنها النملة الصغيرة، حمراء رقيقة.
وفي (الكشاف) :"قيل هي النملة الصغيرة، وقيا: الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء".
ومثله في تفسير جزء عم للشيخ محمد عبده.
الأقوال قربية، ولا شيء منها بموضع إنكار كالذي جاء به محدثون من بدع التفسير العصري، فذهبوا إلى أنه الذرة التي أكتشف العلم سرها في القرن العشرين!!
وقد نرى أن تحديد المفسرين للذرة، ليس مراد القرآن ولا هو من مألوف بيانه والعربية قد عرفت الذر في كل ما يمثل الضآلة والصغر وخفة الوزن، تقول: ذررت الملح والدقيق والفتات، نشرته بأطراف الأصابع. والذر الهباء يرى في شعاع الشمس، وبولغ في وصف تناثر النمل الصغير المنبث فقيل: ذر. وفي (لسان العرب) نص صريح على أن "الذرة ليس لها وزن" لفرط صغرها وخفتها.
ونؤثر أن نفهمها بحس العربية على هدى البيان القرآني، دون تكلف لتقدير الأوزان والأحجام والألوان. وما فهم العرب، الذين بعث فيهم رسول


الصفحة التالية
Icon