وهذا هو تفاوت السعي، يأتي بعد أن مهد له اللفت إلى التفاوت المدكوك بالحس، بين غشية الليل وتجلي النهار، بين خلقة الذكر وخلقة الأنثى.
والحسن في اللغة الجمال، ويغلب استعماله في الماديات نقيضاً وفي المعنويات مقابلاً للسوء. والحنى ضد اليوأى، صيغتا تفضيل للدلالة على غاية الحسن الذي لا حسن بعده، والسوء الذي لا يماثله سوء.
وفرق الراغب فب (المفردات) بين الحسن والحسنة والحسنى، فقال إن الحسن يستعمل ي الأعيان وفي الأحداث، وكذلك الحسنة إذا كانت وصفاً، أما إذا كانت اسماً ففي الأحداث. والحسنى لا تستعمل إلا في الأحداث.
وأكثر ما جاء في القرآن من الحسن، فللمستحسن من جهة العقل والبصيرة والشرع، لا من جهة الحسن.
وقد تأول المفسرون الحسنى بحسن العاقبة، وبالإيمان بوحدانية الله وبما يخلفه الله تعالى على المنفق.
وهي وجوه متقاربة، وربما كان حسن العاقبة يؤديها جميعاً، إذ فيه معنى الإيمان بالله، والتصديق بالخلف.
ولم تحدد الآيات ماذا أعطى التقى، ومن اتقى، وبم بخل البخيل، وعم وعمن استغنى؟
ونذهب مع أبي حيان في فهم حذف مفعولي أعطى "بأن المقصود الثناء على المعطى دون تعرض للمعطى والعطية، وظاهرة بذل المال في واجب ومندوب ومكرمة".
فالإعطاء في الآية، مقابل بالبخل، وكل بخل في القرآن يتعلق بالمال وبما آتى الله من فضل، باستقراء مواضع وروده في المصحف وعددها أحد عشر موضعاً، ستة منها متلوة بغنى الله، والله الغني وأنتم الفقراء، ولله ميراث السموات والأرض، فإن الله هو الغني الحميد.