ومرتان في اتقاء فتنة، واتقاء ما بين ايديكم.
والمتقى في بقية الآيات، هو الله سبحانه.
وأما الفعل الماضي والمضارع، فقد يمسك فيهما عن ذكر المفعول به، وحين يصرح به فالمتقى هو الله سبحانه وتعالى.
وهذا الاستقراء يؤذن بأن الاتقاء في القرآن يغلب أن يكون اتقاء الله واتقاء حسابه وعقابه.
ومن المهم أن نشير إلى أن التقوى، كاخشوع، من أفعال القلوب. بمعنى أنها لا تكون إلا في القلب ومن القلب، فالعبرة بتقوى القلوب، وهو ما يبدو بوضوح في مثل آيات:
﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج ٣٢)
﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾ (الحج ٣٧)
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (الحجرات ٣)
﴿وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ (المجادلة ٩)
وجاءت التقوى نقيضاً للفجور في:
﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا﴾ (الشمس ٨)
﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ (ص ٢٨)
* * *
والصدق في الأصل: مطابقة القول للواقع أو لما في الضمير. ويستعمل في صدق الفعل، وصدق النية والعقيدة. وأكثر ما يكون التصديق في القرآن الكريم بمعناه الديني في التصديق بالله وآياته ورسله وكلماته، ولقائه....
و"الحسنى" جامعة لكل ما قال المفسرون في تأويلها: الخلف في الدنيا والآخرة، والجنة والثواب، والتوحيد.....
وإن كان الأولى إطلاقها لتعم فلا تختص بوجه من هذه الوجوه.


الصفحة التالية
Icon