واليسر ضد العسر، وقد سبق استقراء آياتهما في (سورة الشرح) بالجزء الأول من هذا الكتاب.
وفسروا الآية بأنها التهيئة للحالة التي هي أيسر على المصدق بالحسنى، في الدنيا والآخرة.
وقال الزمخشري: "سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسر، كما سمى طريقة الشر العسرى لأن عاقبتها العسر، أو أراد بهما طريقى الجنة والنار، أي: فسنهديهما في الآخرة للطريقين".
والتيسير لليسرى هو وعد الله للباذلين المعطين المتقين، ولم تأت "اليسرى" في القرآن إلا مع التيسير مسنداً إلى الله جل جلاله، وذلك في آيتين:
آية الأعلى: ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ خطاباً للمصطفى عليه الصلاة والسلام.
وآية الليل في ﴿مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾. تأتيه البشرى بمثل ما يشر به المصطفى عليه الصلاة والسلام، من تيسير إلهي لليسرى.
أما العسرى فلم تأت بهذه الصيغة إلا في آية (الليل)، وإن جاء العسر مقابلاً لليسر في آيات (البقرة ١٧٥، والطلاق ٧، والشرح ٥، ٦) كما جاءت صيغتا وعسر وعسير، صفة ليوم القيامة بخاصة، في آيات (القمر ٨، المدثر ٩، الفرقان ٢٦) وهذا الاختصاص يجلو حس البيان القرآني للعسر الذي استعملته العربية في قديمها الجاهلي اسماً لقبيلة من الجن أو أرض يسكنونها. ثم قيل العسر للشكس الشرس، وللأنثى عسر ولادها.
واعتسار الفرس ركوبه قبل ترويضه.
وغير مقبول قول من قال إن "العسرى" جاءت في آية الليل لمجرد رعاية الفاصلة، فما يجوز في البيان العالي التعلق بملحظ شكل في اللفظ لا يقتضيه المعنى.
وقال "الزمخشري" في التيسير للعسرى: فسنخذله ونمنعه الإلطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد، ولمح "أبو حيان" في هذا التأويل "دسيسة اعتزال".
وقلما يفرق المعجميون في الدلالة بين العسر والعسرى حين تسوقونهما سرداً في مصادر