ولا عقل، وهو تعالى ذكره أقسم بالشفع والوتر. ولم يخصص نوعاً من الشفع ولا من الوتر دون نوع. وكل شفع ووتر فهم مما أقسم به".
أو كما قال الزمخشري: "أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه، وذلك قليل الطائل جدير بالتلهي عنه".
ونحتكم إلى النص القرآني فلا نراه يحتمل كل هذه الأقوال المضطربة والتأويلات المسرفة في التكليف، وإنما حسبنا منت الشفع والوتر دلالتها الصريحة، لغة ونصاً وسياقاً، على الأزدواج والإفراد، مع ملحظ فيهما من التقابل والتضاد. ودون تكلف في تأويلهما بما يتجه بهما نحو التعظيم، فإذا كانت الشعائر المعظمة شفعاً ووتراً، فكذلك كل الأشياء، العظيم منها والحقير، تحتمل أن تكون شفعاً ووتراً...... ومثله في التقابل، الفجر وسرى الليل.....
ولا وجه عندنا، بعد أن تدبرنا آيات القسم بالواو في القرآن الكريم، للوقوف به عند أصل استعماله اللغوي في التعظيم، والأولى أن يخرج عنه إلى الاستعمال البلاغي الذي لا يتعلق بما جاء على أصل الوضع اللغوي، بل يعدل عنه لملحظ بياني، هو في آيات الفجر: اللفت إلى انبثاق نور الفجر في ظلمة الليل الساري، توطئة إيضاحية بالحسى المدرك، إلى معنويات من الهدى والضلال.
* * *
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾
السرى في العربية: السير عامة الليل. وفي دلالته اللغوية الأولى معنى الخفاء.
وربما كان أصل استعماله الحسي في السرى، وهو عرق الشجر دب تحت الأرض. لحظ فيه الامتداد مع الخفاء، فاستعمل في السرى لما في السير مدى الليل من خفاء، واختص السرى بالليل تمييزاً له عن عامة السير.
والأصل أن الليل يسرى فيه. فإسناد السرى إلى الليل في آية الفجر، من الإسناد


الصفحة التالية
Icon