ولعل أصل استعماله الحسي لغوياً في الحَجَر. أتخذ لصلابته حاجزاً فيما يراد منعه وحجزه، ومنه الحاجز: يمنع مسيل الماء إلى الوداي، والحجرة مكان يسور بالجدران ليحجز عن غير أهله، والمحجز: ما أحاط بالعين، والحمى لا يرعاه غير صاحبه.
والحِجْرُ: الثوب، بملحظ من إمكان ثنية لحفظ الأشياء وحملها.
وبمثل هذه الدلالة، يأتي الحجر في الحفظ المعنوي، فيقال: تربى في حجر فلان، اي في حفظه ورعايته، وسمى العقل حجراً بملحظ من حجزه صاحبه عما لا ينبغي ولا يليق. ومن الحجر على من لا حجر له يحجزه ويضبط أمره، لسفه أو جنون.
وفي القرآن الكريم:
جاءت المادة على أصل معناها اللغوي في الحجر بآيتى (البقرة ٦٠، والأعراف ١٦٠) :
﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾ خطاباً لموسى عليه السلام.
وفي الحجارة، عشر مرات، إما على أصل استعمالها اللغوي، وإما على وجه التشبيه والمجاز، في آيات:
﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ (البقرة ٢٤ والتحريم ٩)
﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ.....﴾ (البقرة ٧٤)
﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا.....﴾ (الإسراء ٥٠)
﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ.....﴾ (هود ٨٢)
ومعها (الفيل ٤، والأنفال ٣٢، والحجر ٧٤، والذاريات ٢٣).
وجاءت مرة في (الحجرات) بمعنى الغرف والبيوت، ومرة في الحجور بآية النساء ٢٣: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ......﴾
وسميت ديار ثمود حجراً، لما كان الظن من مناعة مبانيها.
وجاء الحجر في المحتجز لأصحابه من أنعام ومرعى بآية الأنعام ١٣٨:
﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ.....﴾
وبمعنى الحاجز المانع والحد الفاصل ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾ في آيتى (الأنفال ٢٢، ٥٣)