أو حديد لأن ذلك هو المعروف من معاني الأوتاد، ووصف فرعون بذلك إما لأنه كان يعذب الناس بها، أو لأنه كان يلعب له تحتها.
والزمخشري يختار تأويلها إما بكثرة جنود فرعون ومضاربهم، أو التعذيب بالأوتاد كما فعل بماشطة بنته، وبآسية زوجته!
والرازي يرى "أن الكلام يحتمل كل هذه الوجوه".
وذهب الشيخ محمد عبده إلى أن "أظهر أقوالهم فيها ملاءمة للحقيقة، أن الأوتاد المباني العظيمة الثابتة".
ثم أضاف متاولاً: "وما أجمل التعبير عما ترك المصريون من الأبنية الباقية بالأوتاد، فإنها هي الأهرام، ومنظرها في عين الرائي منظر الوتد الضخم المغروز في الأرض، بل أن شكل هياكلهم العظيمة شكل الأوتاد المقلوبة.... وهذه هي الأوتاد التي يصح نسبتها إلى فرعون على أنها معهودة للمخاطبين"!
* * *
وفي منهجنا أن كل هذه التأويلات تحمل القرآن الكريم ما ليس من بيانه وطبيعته، وقد بدا منه العمد الواضح إلى طي هذه التفصيلات الجزئية، اكتفاء بما يلفت إلى موضع العبرة لذي حجر، في مصاير هؤلاء الطغاة.
وأكثر ما قالوه في الأطوال والأحجام والأسماء والأرقام ومواد البناء، من الإسرائيليات المقحمة على كتاب الإسلام نصاً وسياقاً. ولكي نتقي التورط فيها، نحتكم إليه في كل هذه الأقوال التي أكثروا منها واختلفوا فيها، فإذا أردنا مزيد بيان لآيات الفجر، فإنما نلتمسه من القرآن الكريم:
"عاد" من العرب البائدة، وقد وردت في القرآن أربعاً وعشرين مرة، ليس فيها إشارة إلى نسب عاد أو تصريح باسم أبيه وجده أو ولديه شديد وشداد، أو بيان لأطوال أجسام أو تحديد لأعمار. وإنما يأتي ذكر "عاد" دائماً، لفتاً إلى ما كان من تكذيبها لنبيها هود عليه السلام، وطغيانها في الأرض، وما سلط الله عليها من العذاب، وحق عليها من عقاب.
فعاد في القرآن هم ﴿قَوْمِ هُودٍ﴾


الصفحة التالية
Icon