كان منزلهم ﴿بِالْأَحْقَافِ﴾ بعث الله فيهم أخاهم هوداً رسولاً ونذيراً:
﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (الأحقاف ٢١ ومعها هود ٥٠)
فكذبوه ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (هود ٥٣)
وكذبزا المرسلين (الشعراء ١٢٣، ص ١٢، ق ١٣، القمر ١٨، الحج ٤٢).
وكفروا بالله، وجحدوا آياته، وعصوا واستكبروا في الأرض بغير الحق (هود ٥٩، ٦٠، ق ١٣)
فأرسل عليهم الريح العقيم (الذاريات) وأهلكوا بريح صرصر عاتية (الحاقة ٦) :﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ (الأحقاف ٢٥)
فكانوا عبرة لمن اعتبر:
﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾
﴿أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾.
و"العماد" تنفرد بصيغتها، لا تتكرر، في القرآن الكريم.
وجاءت صيغة عمد، جمع عمود، ثلاث مرات: اثنتين في السموات خلقها الله ورفعها بغير عمد ترونها (الرعد ٢، لقمان ١٠) والثالثة في وعيد كل همزة لمزة، الذي جمع مالاً وعدده، بالحطمة ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾.
والعمود لغة: ما به قوام الشيء، مادياً كعمود الظهر وعمود الخباء، ويجمع على أعمدة جمع قلة، وعلى عَمَد وعُمُد بالتحريك فيهما، وعماد وتختص بالأبنية الرفيعة إلا أن تجئ على وجه المجاز والكناية.
فبملحظ التقوية جاء عماد القوم لمن يعتمدون عليه، فهو مقصدهم وسندهم. والعمد بمعنى القصد القوي الواضح.


الصفحة التالية
Icon