ولم يرد لفظ "إرم" في القرآن إلا في هذه الآية من سورة الفجر. وهو في القاموس واحد الآرام بمعنى الأعلام، وذكر المفسرون أن إرم اسم قبيلة عاد أو هي بلدتهم.
ونص ألاية يقبل تفسير إرم باسم القبيلة أو البلدة، دون تزيد بتفصيلات أمسك القرآن عن ذكرها.
كما يكتفي في عاد القبيلة بأنها قوم هود من العرب البائدة، ومن البلدى بأنها مسكنهم بالأحقاف، ولا وجه لقول بأنها دمشق أو الإسكندرية...
كما لا وجه لتحديد زمنها التاريخي، أو أعمار أهلها وأطوالهم، بل نكتفي في زمنها، بما في القرآن الكريم من أنها جاءت بعد قوم نوح، بصريح آيات: (التوبة ٧٠، إبراهيم ٩، الحج ٤٢، غافر ٣١، ص ١٢).
وأقرب ما يفهم من ذات العماد أنها ذات القوة والمنازل العالية، على مألوف البيان العربي في رفيع العماد، دون إقحام لعدد المباني أو مواد بنائها أو اسم بانيها، إلى آخر هذه الجزئيات التي لم يتعلق القرآن بها، وليس شيء منها بموضع عبرة، ومن ثم نستغنى في فهم النص، بهذا اللفت البليغ الموجز إلى ما مكن الله من أسباب القوة، لعاد التي لم يخلق مثلها في البلاد.
ونؤثر أن يكون الضمير في ﴿مِثْلِهَا﴾ عائد على ذات العماد، إذ هي أقرب مذكور. ولا مانع من أن يكون عود الضمير على ﴿عَادٍ﴾ بمعنى القبيلة أو على إرم، كما ذهب بعض المفسرون. والوجه متقاربة مع اتصال السياق.
ثم لا ضرورة لتحديد وجه المماثلة بما قالوه من العظم أو البطش والأيد، بل الأولى أن يبقى على ظاهرة من الإطلاق.
* * *
وثمود من العرب البائدة كذلك.
وزمنهم التاريخي تالٍ لعاد قوم هود، كالمفهوم من سياق آيات (إبراهيم ٩، الفرقان ٣٨، العنكبوت ٣٨، غافر ٣١، النجم ٥١، الحج ٤٢، التوبة ٧٠).
ونكتفي بما ذكره القرآن عنها، باستقراء الآيات التي جاءت في ثمود وعددها ست وعشرون آية، كلها في سياق العبرة بعاقبة الكفر والطغيان.