وجوهر قصتهم فيما نتلو من آيات الكتاب المحكم أنهم قوم صالح عليه السلام، بعثة الله فيهم داعياً إلى عبادة الله وحده، ما لهم من إله غيره (الأعراف ٧٣، هود ٦١، النمل ٤٥).
فكذبوه وعقروا الناقة التي نهاهم عن ذبحها (الشمس ١٤، هود ٦٥، ص ١٣)
﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ (فصلت ١٧)
﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ (الحاقة ٥)
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ﴾ (الذاريات ٤٤، فصلت ١٣)
﴿صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (فصلت ١٧)
ونجى الله صالحاً والذين أمنوا معه برحمة منه ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ﴾ (هود ٦٨)
والجوب في العربية: القطع. ومن الاستعمالات الحسية فيه: الجوب درع يقطع للمرأة. والجوبة الحفرة، وفجوة بين البيوت، أو بين أرضين، ومنه جاب الوادي بمعنى قطعه وعبره، وجواب آفاق.
ومن القطع جاء النفاذ والحسم، فاستعمل في الجواب عن السؤال. وقد ذهب "الراغب" إلى أنه جاء "من قطع الفجوة بين فم المجيب إلى أذن السامع".
والأولى عندنا أن يكون قطعاً مجازياً، لما فيه من مظنة النفاذ إلى السامع وحسم ما يسأل عنه.
وفي القرآن الكريم، جاءت المادة في الجواب أربع عشرة مرة، وبمعنى الاستجابة ثمانيا وعشرين مرة، ولم تأت في الجوب إلا في آية الفجر.
ولا نرى حملها على غير معناها من القطع والنفاذ، دلالة على ما أتيح لثمود من قوة ومنعه إذ قطعوا الصخر بالوادى، وقد كانت لهم فيه ديارهم ومساكنهم المشيدة المأهولة قبل أن تأخذهم الصيحة ﴿فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾.


الصفحة التالية
Icon