الطغاة ومعاصيهم وما نزل بهم من نقم.
والطغيان تجاوز الحد، وأصل استعماله في الماء يطغى فيغرق، ومنه في القرآن الكريم في الطوفان (آية الحاقة ١١: ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ﴾.
ثم شاع استعماله في كل ما جاوز الحد من جبروت العتاة، وقد سبق تدبره في تفسير آية النازعات خطاباً لموسى عليه السلام: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾.
وللغويين والمفسرين في إعراب جملة ﴿الَّذِينَ طَغَوْا﴾ ثلاثة أوجه:
النصب على الاختصاص بالذم.
والرفع على تقدير مبتدأ محذوف: هم الذين طغوا.
والجر على الوصف.
والأوجه الثلاثة تقبلها قواعد الصنعة الإعرابية، لكن البيان الأعلى لا يراها متماثلة، بل لابد أن يكون وجه واحد منها أقوى في المعنى.
ونرى ربطه بالصلة على وجه الإتباع لما قبله، أولى من الاختصاص، ومن الخبرية التي تحتاج إلى تقدير مبتدأ محذوف يفصل الجملة عما قبلها بابتداء مستأنف.
وأصل الصب في اللغة إراقة الماء ونحوه مع تدفق: تصبب الماء وأنصب في الوادي أنحدر. ويطلق على ما يبقى منه: صبة وصبابة، ومن ثم تستعمل في بقية الشيء المادي والمعنوي.
وجاء الصب في القرآن، فعلاً ومصدراً، خمس مرات: اثنتان منها على الأصل اللغوي في الماء بآية (عبس) ﴿أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا﴾ ومرتان في صب الحميم وعذابه بالجحيم في آيتى (الدخان ٤٨، والحج ١٩) وصب سوط عذاب في آية الفجر.
والسوط أداة الضرب المعروفة، وإذ غلب استعماله في التعذيب، صار الضرب بالسوط مثلاً لأليم العذاب.
أخذه بعض اللغويين من: ساط يسوط بمعنى خلط. قال الليث:
"ساطه إذا خلطه بالسوط، ومنه قول الشاعر:
أحارث إنا لو تساط دماؤنا تزايلن حتى ما يمس دم دما".