أنه على حذف مضاف أقيم المضاف إليه مقامه، وتقديره: جاءت أمر ربك، أو جاء قهر ربك.
وعند الزمخشري "أنه تمثيل لظهور آيات اقتداره تعالى وسلطانه، بحال الملك إذا حضر بنفسه وظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر إلا بحضور عساكره ووزرائه وخواصه".
وهو تأويل ينبو عنه الحس، إذ لا وجه لتمثيل مهابة الله تعالى والملك، بحال ملوك الدنيا "فلا تظهر هيبتهم إلا بحضور عساكرهم ووزرائهم"! كما لا مجال لتمثيل ذلك الموقف المهيب في الآخرة، بمواكب الملوك في الدنيا.
وبعدي كذلك، قول من تأولوا "ربك" في الآية: "ولعل ملكاً هو أعظم الملائكة، هو مرب للنبي - ﷺ -، المراد من قوله تعالى ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾.
وتأباه الآية نصاً وسياقاً، كما يجفوه حس البيان العربي لا يرى في مجئ الله إلا تجلياً مهيباً يوم يقوم الناس لرب العالمين.
* * *
﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾.
قال الأصوليون فيها: معلوم أن جهنم لا تنفك عن مكانها، فالمراد: وبرزت.
ثم ما أكثر ما جاء به المفسرون بعد ذلك من عجيب التأويلات والمرويات عن غيب لم يشر إليه القرآن من قريب أو بعيد! تأوله جماعه، قالوا: "جيء بجهنم مزمومة بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حتى تنصب عن يسار العرش فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع".
ومثله غرابة وبعداً، ما نقله الإمام الطبري من قول الضحاك بن مزاحم:
"إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء فنزل من فيها من الملائكة وأحاطوا بالأرض ومن عليها وصفوا صفاً. ثم ينزل الملك الأعلى، على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندوا فلا يأتون قطراً من أقطارها إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه. فذلك قول الله: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمٍ