التَّنَادِ}، ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾، ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾.
وعن "ابن عباس": "إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها فيجئ الله والأمم جثى صفوفاً، وينادى مناد: "ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحمادون لله على كل حال فيقومون فيسرحون...."
وعن "ابن كعب القرظي" يرفعه إلى أبي هريرة عن رسول الله - ﷺ -: "توقفون موقفاً واحداً يوم القيامة مقدار سبعين عاماً لا ينظر إليكم ولا يقضى بينكم. قد حصر عليكم فتبكون حتى ينقطع الدمع ثم تدمعون دماً.... فتضجون ثم تقولون: من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا؟ ويأتي أبوهم آدم فيأبى، ثم يأتون الأنبياء نبياً نبياً كلما جاءوا نبياً أبى، حتى يأتوني فإذا جاءوني خرجت حتى آتى الفحص قدام العرش فأخر ساجداً فلا أزال ساجداً حتى يبعث الله إلى ملكاً فيأخذ بعضدي فيرفعني فأقول: يارب وعدتني الشفاعة، شفعني في خلقك فاقض بينهم. فأنصرف حتى أقف بين الناس فبينا نحن وقوف سمعنا حساً من السماء شديداً فهالنا، فنزل أهل السماء يمثلى من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت بنورهم وأخذوا مصافهم.....".
ويعفينا الدرس البياني للقرآن الكريم، من تعقب هذه المرويات والنظر في أسانيدها ورواتها عند أئمة النقاد وأصحاب الصحاح.
حسبنا أن نقول إن مجئ جهنم هنا، هو على وجه التشخيص والتجسيم والفاعلية، وهذه ظاهرة بيانية مطردة في أحداث اليوم الآخر، عرضنا لها بمزيد تفصيل في تفسير "سورة الزلزلة".
وكما عرضت جهنم ﴿يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا﴾ في آية الكهف، ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى﴾ في آية النازعات، ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾ في آية الشعراء، ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾ في آية النبأ.
جيء بجهنم هنا، تجسيماً للهول الأكبر بالتشخيص والإبراز.
* * *