جمعاً: أيتها. وإثبات التاء في ندائهما بـ: أيتها، مع بقائها على الإفراد، أقرب إلى أن يكون وجهاً للقياس في تأنيث "أيتها" لنداء المؤنثة، من حيث بقيت التاء في نداء مثناها وجمعها، وأداة النداء فيهما على الإفراد.
ولا خلاف عند المفسرين في أن اطمئنان النفس هو أمنها وسكينتها. لكنهم اختلفوا بعد ذلك في تأويل وجه الاطمئنان في الآية.
قيل: المطمئنة التي لا يتفزها خوف ولا حزن.
وقيل: إنها لا تصير أمارة بالسوء (الراغب).
وقيل: المطمئنة إلى الحق التي سكنها ثلج اليقين فلا يخالجها شك.
أو هي التي اطمأنت إلى لقاء ربها، وإلى وعده أهل الإيمان من الكرامة في الآخرة.
أو هي المصدقة المؤمنة بأن الله ربها، المسلمة لأمره فيما هو فاعل بها (الطبري).
كما اختلفوا في تحديد وقت الطمأنينة: هل تحصل للمؤمن عند الموت، وقت خروج نفسه وسماعه البشرى برضى ربه عنه؟
أو تكون الطمأنينة عند البعث ويوم الجمع؟
أو عند دخول الجنة لا محالة؟
كذلك اختلفوا في توجيه الخطاب في صدر الآية بالنداء: "إما أن يكون كلاماً من الله إكراماً للمؤمن كما كلم الله موسى عليه السلام، وإما أن يكون الكلام على لسان ملك".
وهي وجوه محتملة والأولى الإطلاق ليعمها دون قيد أو تحديد. وحسبنا أن نتدبر موضع العبرة وأسرار البيان:
الفعل "اطمأن" في العربية من أفعال القلوب، بمعنى أنه لا يكون إلا من القلب وفيه، حين تنتفى هواجس الحيرة والشك والقلق والخوف.


الصفحة التالية
Icon