وكذلك تأتي الطمأنينة في القرآن الكريم، سكينة معنوية، عن راحة البال وهدوء النفس والقلب.
وقد جاء الفعل منها في القرآن الكريم ثماني مرات، خمس منها بصريح الإسناد إلى القلوب في سياق البشرى بنصر المؤمنين:
﴿وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾ (آل عمران ١٢٦) (الأنفال ١٠)
وفيما نجد القلوب من راحة الإيمان:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد ٢٨)
ومعها آية البقرة ٢٦٠، فيما التمس إبراهيم من راحة القلب واطمئنانه:
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾.
واقترنت الطمأنينة بالأمن في آية (النحل ١١٢) وعدم الخوف من العدو في الحرب (النساء ١٠٣).
وهي في آية الفجر صفة للنفس، إيذاناً صريحاً بأن العبرة في الطمأنينة بسكينة النفس. وهذا يعفينا من التعرض لما أثار الكلاميون والفلاسفة والمجسمة من جدل حول هذه النفس المطمئنة، مما فصله الفخر الرازي في تفسيره.
فهل تكون طمأنينة للجسم إذا أعوزتها راحة النفس واطمئنان القلب؟ إن الأمر هنا لا يخرج عن مألوف حس العربية الأصيل في كل الأفعال التي تعرف بأفعال القلوب، كالخشوع والثقة والإيمان واليقين.
وكما اقترنت طمأنينة القلب بالبشرى في آيتى آل عمران والأنفال، وبحسن المآب في آية الرعد، وبالأمن من الخوف في آيتى النحل والنساء، جاءت النفس المطمئنة هنا مقترنة بالرضى، في سياق البشرى بحسن المآب، بعد كل الذي سبق من آيات الاعتبار بمصير الطغاة {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ