والعقيدة والأهواء. وبهذا المعنى جاء الفؤاد في القرآن مفرداً وجمعاً، ست عشرة مرة، ليس فيها ما يحمل على الجارحة، كآيات:
﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ (هود ١٢٠)
﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ (الفرقان ٣٢)
﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ (النجم ١١)
﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ (القصص ١٠)
﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ (إبراهيم ٣٧)
﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ (الأنعام ١١٣)
﴿مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ (إبراهيم ٤٣)
والزمخشري التفت إلى أن الأفئدة مواطن الكفر والعقائد الفاسدة، كما قال الشيخ محمد عبده إنها موضع الوجدان والشعور.
وبقى أن نلتفت إلى أن هذه المعنويات هي الغالبة كذلك على استعمال القرآن للفظ قلب وقلوب. إذ يأتي اللفظ مع الإطمئنان والسكينة والرحمة والتآلف والخشوع والوجل والفقه والطهر. كما يأتي مع الارتياب واللهو والتقلب والرعب والوجل والخوف والاشمئزاز والقسوة والتكبر والجبروت، والزيغ والمرض والإثم والغفلة والعمى.....
وكلها مما لا مجال له في القلب بدلالته العضوية التي تعرفها له العربية في مألوف الاستعمال ومنه في القرآن آية الأحزاب:
﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾.
وإذن يكون إيثار الأفئدة هنا لا لنسق الفاصلة فحسب، ولكنه كذلك لتخليض الأفئدة من حس العضوية التي تدخل على دلالة لفظ القلوب في المألوف من لغة العرب، إذ نستعمل القلب بمعناه العضوي، ولا نستعمل الفؤاد بهذا المعنى قط.
وإسناد الإطلاع إلى نار الله الموقدة، فيه تشخيص لهولها وتقرير لفاعليتها، على نحو ما شخص القرآن الكريم هذا الهول بتقرير فاعلية النار، في آيات أخرى، تأتي النار فيها:


الصفحة التالية
Icon