عندنا، والله أعلم، من حمله على الحساب والجزاء، لأن التكذيب بهما لا يكون إلا عن تكذيب بالدين.
* * *
والكذب: نقيض الصدق. استعملته العربية ف الناقة الكذوب يظن أنها حامل ثم تخلف الظن، وفي البرق يوهم أن وراءه مطراً ثم لا يكون مطر، كما استعملته في خداع الحس، فقيل كذبت العين أو الأذن إذا أخطأت حقيقة ما تبصر أو ما تسمع.
ومنه جاء الحلم الكاذب والرجاء الكاذب، وكل ما أخلف الظن والتقدير. وقيل مذبته نفسه إذا منته الأماني وخيلت إليه من الآمال مالاً لا يكاد يكون.
وكذب بالأمر. أنكره ولم يصدقه.
وبهذا الحس الأصيل من سوء التقدير وإنكار الحق، يأتي التكذيب في القرآن الكريم أكثر ما يأتي في التكذيب بالله وآياته ورسله. وهو التكذيب بالحق والصدق.
ومنه التكذيب بالنذر، وبالساعة، وبلقاء الله والآخرة. وبيوم الفصل، وبجهنم والعذاب.
وكثر في القرآن الوعيد والإنذار بعاقبة المكذبين، ووصفوا بأنهم الضالون، والمجرمون، والكافرون، والغافلون. كما أسند إليهم: الأفتراء، والظلم، والإثم، والإعتداء، والمعصية، والخسران، وإتباع الأهواء.
وجاء التكذيب بالدين في آيات:
﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾ (الانفطار ٩)
﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ (التين ٧)
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ (الماعون ١)
وتتولى الآيات بعدها بيان المستفهم عنه من هذا التكذيب بالدين:
﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾.
والدع الدفع العنيف مع قسوة وجفاء. ولم يستعمله القرآن الكريم إلا في آيتين، إحداهما للمعاملة في الدنيا وقد خص به اليتيم في آية الماعون.
والأخرى في دع المكذبين إلى النار يوم الدين بآية الطور: