وجاء الفعل في تكريم الله وإكرامه للمتقين، وقوبل بالإهانة في آية الحج.
﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾ - ١٨.
أما أفعل التفضيل، فجاء مرة مضافاً إلى ضمير المخاطبين في آية الحجرات: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ - ١٣.
وانفردت آية العلق بصيغة ﴿الْأَكْرَمُ﴾ معرفة بـ: ال، بما يفيد اختصاصه تعالى بهذه الرتبة العليا على عموم إطلاقها.
دون تعلق بتأويل أكرميته تعالى، وقد تأولها الزمخشري بأنه: "الذي له الكمال زيادة كرمه على كل كرم، ينعم على عباده النعم التي لا تحصى، ويحلم عنهم فلا يعالجهم بعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمه، ويقبل توبتهم ويتجاوز عنهم بعد اقتراف العظائم، فمالكرمه غاية ولا أمد".
وساق الفخر الرازي في أكرميته تعالى وجوهاً أربعة:
* أنه تعالى لا يحلن وقت جناية الإنسان فحسب، بل يزيد إحسانه بعد الجناية.
ونظر له الشاعر:
متى زدت تقصيراً تزد لي تفضيلاً كأنى بالتقصير أستوجب الفضلا
* أنك كريم يا محمد، لكن ربك الأكرم.
* أنه تعالى له الابتداء في كل كرم وإحسان، وكرمه غير مشوب بتقصير.
* يحتمل أن يكون فيهخ حث على القراءة أو على الإخلاص، بمعنى: فهو يجازيك بكل حرف مما تقرأ عشراً. أو بمعنى: تجرد لدعوة الخلق ولا تخف أحداً، فأنا أكرم من أن آمرك بهذا التكليف الشافي ثم لا أنصرك.
ونلاحظ عليهم أن في كل ما تأولوه، تقييداً لصيغة الأكرم، ينقلها إلى المفاضلة بين كريم وأكرم منه. والحق أن البيان القرآني حين قيد أفعل التفضيل في آية الحجرات بإضافتها إلى ضمير المخاطبين، جعل أكرميتهم محدودة بنطاق الناس الذين خاطبهم في


الصفحة التالية
Icon