وكونها نزلت في الوليد أو أبي جهل لا يقتضي الإعتبار بخصوص السبب، حيث لا قرينة تصرف إليه عموم لفظ الآية، وأسباب النزول لا تعدو أن تكون قرائن مما حول النص، تعين على فهم الظروف التي نزلت فيها السورة أو الآية. على ما سبق بيانه في تفسير سورة الضحى.
* * *
﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾.
وتبدأ السورة بحرف (ن) يكتب هكذا حرفاً واحداً. ورسمها في المصحف الإمام على هذا، يجعلنا نستبعد ابتداء ما نقل الإمام الطبري من اختلاف أهل التأويل فيه:
قيل هو النون أي الحوت واحد النينان، أو هو لوح من نور، أو اسم للدواة.... ويمنعه أن هذا النون يرسم ثلاثة أحرف "نون" وليس حرفاً واحداً (ن).
وهذا الاستبعاد يعفينا من الوقوف عندما ما روى عن "ابن عباس ومجاهد" في هذا الحوت الذي عليه الأرضون، تحت الأرض السابعة! وإن الله سبحانه خلقه قبل السموات والأرض، فلما دحيت الأرض اضطرت الحوت فمادت الأرض فأثبت بالجبال!.
كما يعفينا من العقد اللغوية والنحوية والصرفية في إعراب نون، اسماً للدواة، وقد صرح الزمخشري بأنه لا يدري - ولا أدري معه - "أهو وضع لغوي أم شرعي؟ وهل اسم جنس، أو علم لنون يمنع من الصرف؟ ".
وفي قول آخر إن (ن) اسم للسورة. وليس فذ هذا القول ما يغني، لأن السورة على هذا القول إنما سميت بهذا الحرف في أولها، كما سميت سورتا (ص، ق) بالحرفين لإي أولهما.
ويبدو أن الراغب الأصفهاني، اختار أن تكون (ن) الحرف المعروق من حروف الهجاء، وهو ما نطمئن إليه، فتكون سورة القلم هي أول سورة نزلت مفتتحة بحرف