﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾.
والإعصار في آية البقرة ٢٦٦.
والعَصْرُ، في سورة العصر.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في العصر:
قيل هو الدهر، أو الوقت بعينه من النهار. وعليهما اقتصر "الإمام الطبري" في تفسيره، ثم اختار الدهر.
وقيل أنه صلاة العصر، على حذف المضاف، أو هو عصر النبوة. وقد ساق "الرازي" هذه الأقوال في العصر دون ترجيح بينها، إلا أن يفهم ضمنياً من إيرادها على الترتيب المذكور آنفاً.
ويبدو أن "الزمخشري" يختار القول بأنها "صلاة العصر لفضلها، بدليل قوله تعالى: ﴿وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ وقول الرسول - ﷺ -: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله". ولأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجارتهم ومكاسبهم آخر النهار، واشتغالهم بمعايشهم".
نقله أبو حيان في (البحر المحيط).
وعبارة الزمخشري أوجز وأقرب، من قول الشيخ محمد عبده: "وكان من عادة العرب أن يجتمعوا وقت العصر، ويتحادثوا ويتذكروا في شئونهم، وقد يكون في حديثهم ما لا يليق أو ما يؤذي به بعضهم بعضاً فيتوهم الناس أن الوقت مذموم، فأقسم الله به لينبهك إلى أن الزمان في نفسه ليس مما يذم ويسب، وإنما قد يذم ما يقع فيه من الأفاعيل الممقوتة".
وهذا، توسع في أحد الوجوه التي ساقها الفخر الرازي في تفسيره الكبير، والنيسابوري في غرائب القرآن.
والراجح عند "ابن قيم الجوزية" أنه الدهر، قال: "وأكثر المفسرين على أنه