ما، دون فقه لألفاظه في لغته. ثم يكون للنص بعد ذلك أن يحدد لكل لفظ دلالته الخاصة، من شتى الدلالات المعجمية، أو يضيف إليها ملحظاً ينفرد به،
والقول بدلالة خاصة للكلمة القرآنية، لا يعني تخطئة سائر الدلالات المعجمية، كما أن إيثار القرآن لصيغة بعينها، لا يعني تخطئه سواها من الصيغ في فصحى العربية. بل يعني أننا نقدر أن لهذا القرآن معجمه الخاص بيانه المعجز، فنقول إن هذه الصيغة أو الدلالة قرآنية، ثم لا يعترض علينا بأن العربية تعرف صيغاً ودلالات أخرى للكلمة.
* * *
والأمر كذلك فيما يهدى إليه الاستقراء من وجوه بيانية وظواهر أسلوبية، تقدمها منه دون أن نخشى فيها مخالفة لبعض قواعد النحويين وأحكام البلاغيين. لأن الأصل أن تعرض قواعدهم وأحكامهم على البيان الأعلى، لا أن نعرض القرآن عليها ونخضعه لها. ويبدو أننا في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في قواعد النحو المدرسية وأحكام الصنعة البلاغية، في ضوء ما هدى ويهدي إليه التدبر الإستقرائي لكتاب العربية الأكبر. في بيانه المعجز.
كما ننتفع بجهود المفسرين حين نعرض أقوالهم على القرآن الكريم، فنقبل منها ما يحتمله نصاً وسياقاً. ثم يكون إيرادنا للأقوال الأخرى التي لا يقبلها النص، لفتاً إلى وجه الشطط فيها أو التكلف والإعتساف، وتنبيهاً إلى ما ينبغي من حذر وحرص، لاتقاء التورط في مقحم التأويلات المذهبية والمدسوسات الإسرائيلية.
* * *
وأرانى في حاجة إلى تقرير مسألتين في المنهج:
أولاهما: أن المرويات في أسباب النزول موضع اعتبار في فهم الظروف التي لابست نزول الآية. مع تقدير أن الصحابة الذين عاصروا نزولها ورويت عنهم أقوال