وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية، إذا عرف سبب نزولها لأن ربط الأسباب بالمسببات والأحكام بالحوادث، والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة كل ذلك من دواعي ثبوت المعلومات في الذهن وسهولة استذكارها عند تذكر بعضها، وذلك ما يعرف في علم النفس بقانون "تداعي المعاني"١.
٤- معرفة من نزلت فيه الآية بعينه حتى لا يبرَّأ المتهم أو يتهم البريء وحتى لا يزعم أحد أن المراد بالذم في تلك الآية فلان من الصحابة وهو بريء، أو ينسب إلى آخر صفات مدح في آية، والمراد بها غيره، وفي تفاسير الشيعة كثير من هذا النوع، فلا تكاد تجد آية فيها مدح وثناء على أحد أيا كان إلا وألصقوها بأحد أئمتهم، ولا يدعون آية فيها ذم إلا وألصقوها بمخالفيهم أو بأحذ صحابة رسول -صلى الله عليه وسلم- كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم٢.
٢ والأمثلة على هذا كثيرة جدًّا، أقتصر على ذكر أمثلة من تفسير واحد من تفاسيرهم وهو المسمى: "تفسير نور الثقلين" تأليف عبد علي الحويزي فمنها تفسير قوله تعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ قالوا: هي في أمير المؤمنين عليه السلام، كان أمير المؤمنين عليه السلام "يقصدون علي بن أبي طالب رضي الله عنه" يقول: "ما لله عز وجل آية هي أكبر مني. ولا لله من نبأ أعظم مني" نور الثقلين ج٥ ص٤٩١، وفسروا التراب في قول الكافر يوم القيامة: ﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ بقولهم: "أي من شيعة علي" ج٥ ص٤٩٧، وزعموا أن قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ نزلت في عثمان وأنه عبس في وجه ابن أم مكتوم حين رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقدمه عليه ج٥ ص٥٠٨.
وفسروا السماء في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ بأنها أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب والطارق هو الروح الذي مع الأئمة و ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ رسول الله -صلى الله عليه وسلم" ج٥ ص٥٥٠. أما الشفع والوتر في قوله تعالى: ﴿وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر﴾ فالشفع الحسن والحسين والوتر أمير المؤمنين عليه السلام ج٥ ص٥٧١، وفي قوله تعالى: ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾ قالوا: أمير المؤمنين عليه السلام وما ولد من الأئمة ج٥ ص٥٧٨، وزعموا أن قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ زعموا أنها في عثمان -رضي الله عنه- والمال اللبد يعني الذي جهز به النبي -صلى الله عليه وسلم- في جيش العسرة ج٥ ص٥٨٠، وفي قوله تعالى: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ قالوا: "ولاية أمير المؤمنين" ج٥