وقد روى البخاري -رحمه الله تعالى- أن مروان بن الحكم كان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: ﴿وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي﴾ ١. فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري٢.
٥- ومن فوائد معرفة أسباب النزول:
معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ورد مخصص لها.
وبيان ذلك أن اللفظ قد يكون عامًّا ويقوم دليل على تخصيصه فلا يجوز إخراج السبب من حكم الآية بالاجتهاد والإجماع لأن دخول السبب قطعي. وإخراجه بدليل التخصيص اجتهادي، والاجتهاد ظني، ولا يجوز إخراج القطعي بالظني.
ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
والأمثلة كما قلت كثيرة جدا ومعرفة أسباب النزول تكشف تحريفهم وإلحادهم في القرآن الكريم.
١ سورة الأحقاف: من الآية ١٧.
٢ صحيح البخاري: ج٦ ص٤٢.