لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ١.
وسبب نزول هذه الآية حادثة الإفك المشهورة ولفظ الآية عام بالوعيد يشمل التائب وغير التائب. لكن الآية الأخرى استثنت من تاب فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ٢.
فلفظ الآية هنا عام ثم خصص بقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾.
وبهذا التخصيص نخصص عموم الآية الأولى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ﴾ الآية، لكن التخصيص للآية الأولى لا يشمل سبب نزولها وهو قذف عائشة -رضي الله عنها- فيبقى على عمومه بعدم قبول توبة من قذفها لأن دخوله في لفظ الآية الأولى العام قطعي وإخراجه بما ورد في الآية الثانية اجتهادي ظني والقطعي لا يخرج بالظني.
وبهذا يبقى حكم عدم قبول توبة القاذف خاصًّا بقذف عائشة وأمهات المؤمنين، ويكون قبول التوبة في قذف غيرهن، ولذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ﴾ نزلت في عائشة خاصة٣.
وفي حديث آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: "هذه في عائشة وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يجعل الله لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- التوبة، ثم قرأ:

١ سورة: الآية ٢٣.
٢ سورة النور: الآيتين ٤، ٥.
٣ رواه الحاكم في مستدركه ج٤ ص١٠، ١١، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي".


الصفحة التالية
Icon