وحكمته، وكان في إنزال القرآن منجمًا دعمًا لتلك القوة، وتثبيتًا لتلك الصلابة، وترسيخًا لتلك الحكمة.. ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ ١.
والأنبياء عليهم السلام كلهم بشر ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ ٢ يأكلون كما نأكل ويمشون في الأسواق كما يمشي البشر ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ﴾ ٣ ويتزوجون ويولد لهم ذرية ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾ ٤ ويعتريهم ما يعتري البشر، من الخوف، والحزن والهم، والفرح والسرور، والضحك، والبكاء ونحو ذلك، وهم بحاجة إلى من يواسيهم، ويثبتهم.
وكان لتثبيت قلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- صور متعددة منها:
١- إخباره أن ما جرى له من الأذى والتكذيب قد جرى للأنبياء السابقين من قبله ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ ٥ ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ ٦ ومن طبيعة البشر أن المصيبة تخف إذا كانت عامة وتكون أشد إذا كانت خاصة هذا في الدنيا دون الآخرة، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ ٧.
وإعلام الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن ما جرى له قد جرى للأنبياء السابقين من أسباب تثبيت قلبه وتجدد عزمه.
٢- أمر الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالصبر:
فمن المعهود أن الإنسان إذا أصابته مصيبة وكان بجانبه أحد أصحابه

١ سورة الفرقان: الآية ٣٢.
٢ سورة يوسف: الآية ١٠٩.
٣ سورة الفرقان: الآية ٢٠.
٤ سورة الرعد: الآية ٣٨.
٥ سورة الأنعام: الآية ٣٤.
٦ سورة آل عمران: الآية ١٨٤.
٧ سورة الزخرف: الآية ٣٩.


الصفحة التالية
Icon