يربت على كتفه ويأمره بالصبر والاحتساب ويواسيه ويسليه، فإن هذا من أقوى الأسباب لسلوانه.
فأمر الله عز وجل لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالصبر من أقوى الأسباب لتثبيت قلبه سيما أن الأمر بالصبر كان مقترنًا أحيانًا بإخباره أن ما جرى له قد جرى للأنبياء السابقين وأنهم صبروا قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ ١ ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ ٢.
٣- نهيه عن الحزن والضيق:
وذلك أن حبس النفس بالحزن والتضييق عليها بالهم من أقوى الدواعي لفتورها ويأسها، فنهى الله نبيه عن الحزن والضيق من مكرهم وما يلاقيه من أذاهم ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ ٣ وقال تعالى: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ ٤ وقال سبحانه: ﴿فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ ٥ وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ ٦.
ولا شك أن للحزن تأثيرًا على صاحبه ولو كان صابرًا فيعقوب عليه السلام حين فقد ابنه يوسف قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ ٧ وحين فقد ابنه الآخر قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ٨ إلا أنه حزن وتأسف على يوسف ﴿وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾ فكان أثر الحزن ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ٩.

١ سورة الأنعام: الآية ٣٤.
٢ سورة الأحقاف: الآية ٣٥.
٣ سورة النحل: الآية ١٢٧.
٤ سورة النمل: الآية ٧٠.
٥ سورة يس: الآية ٧٦.
٦ سورة المائدة: الآية ٤١.
٧ سورة يوسف: الآية ١٨.
٨ سورة يوسف: الآيتان ٨٣، ٨٤.
٩ سورة يوسف: الآيتين ٨٣، ٨٤.


الصفحة التالية
Icon