ب- أن أول ما نزل للنبوة سورة اقرأ وللرسالة سورة المدثر.
ج- أن المدثر أول سورة كمل نزولها أي أن باقيها نزل قبل نزول بقية سورة اقرأ وغيرها.
د- أن سورة المدثر أول سورة تنزل لسبب خاص؛ حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: "دثروني دثروني " فنزلت، أما سورة اقرأ فلغير سبب خاص بل نزلت ابتداء١. قال ابن حجر: "ولا يخفى بُعْدُ هذا الاحتمال"٢.
٢- أن جابر -رضي الله عنه- استنبط هذا الرأي باجتهاده وفهمه وليس بنص ما رواه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فتقدم عليه رواية عائشة -رضي الله عنها- قال الكرماني: استخرج جابر "أول ما نزل: يأيها المدثر" باجتهاد وليس هو من روايته، والصحيح ما وقع في حديث عائشة٣.
ويشهد لهذا أن جابر -رضي الله عنه- أخبر عما سمع، ولم يسمع كل ما حدث به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل فترة الوحي الذي روته عائشة، فاقتصر على ما سمع ظانًّا أنه ليس هناك غيره.
٣- أن في حديث جابر رضي الله عنه ما يدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل قبل ذلك، حيث جاء في حديث جابر رضي الله عنه: "فإذا هو على العرش" وإشارته إليه بالضمير تدل على أنه سبق ذكره وفي رواية أصرح "فإذا الملك الذي جاءني بحراء..".
ولهذا فإن هذا الدليل غير كاف لإثبات أولية النزول لسورة المدثر، بل وصف النووي رحمه الله تعالى القول بأن أول ما نزل سورة المدثر بأنه "ضعيف بل باطل، والصواب أن أول ما نزل على الإطلاق: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ كما صرح به في حديث عائشة"٤.
٢، ٣ فتح الباري: ابن حجر ج٨ ص٥٤٦.
٤ شرح صحيح مسلم: النووي ج٢ ص٢٠٧.