واستدلوا بما أخرجه ابن مردويه عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ إلى آخرها١.
ويجاب عن هذا بأن المراد آخر ثلاث آيات ذكرت النساء، فقد روي عنها رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله أرى الله يذكر الرجال ولا يذكر النساء، فنزلت ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ ٢ ونزلت: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ ٣ ونزلت هذه الآية٤ فلعلها أرادت: إن هذه الآية آخر هذه الآيات نزولًا، ولهذا قال السيوطي: "فهي آخر الثلاثة نزولًا أو آخر ما نزل بعد ما كان ينزل في الرجال خاصة".

١ الدر المنثور: السيوطي ج٢ ص١١٢، والإتقان ج١ ص٣٧.
٢ سورة النساء: الآية ٣٢.
٣ سورة الأحزاب: الآية ٣٥.
٤ الإتقان: السيوطي ج١ ص٣٧.

القول الثامن:
أن آخر ما نزل قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ الآية١.
ودليل ذلك ما أخرجه الطبري -رحمه الله تعالى- عن عمرو بن قيس الكندي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان تلا هذه الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وقال: إنها آخر آية أنزلت من القرآن"٢.
وقد رد ابن كثير -رحمه الله تعالى- هذا القول بقوله: "وهذا أثر مشكل، فإن هذه الآية آخر سورة الكهف، والكهف كلها مكية، ولعل معاوية أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغير حكمها، بل هي مثبتة محكمة، فاشتبه ذلك على بعض الرواة فروى بالمعنى على ما فهمه، والله
١ سورة الكهف: الآية ١١٠.
٢ تفسير الطبري ج١٦ ص٤٠ طبعة دار الفكر.


الصفحة التالية
Icon