القول الثاني أن وجه الإعجاز في القرآن الكريم هو الأخبار الغيبية فيه
مدخل
...
القول الثاني: أن وجه الإعجاز في القرآن الكريم هو الأخبار الغيبية فيه:
وذلك أن القرآن الكريم تضمن عددًا من الأخبار الغيبية في الماضي والحاضر والمستقبل؛ وإذا علمنا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أميًّا لا يقرأ ولا يكتب، وعلمنا أن أمته أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب وليس عندها علم يذكر في تاريخ الأمم الماضية، ومع هذا كله فقد ورد في القرآن الكريم، الحديث عن الأمم الماضية بما يظهر أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون إلا من عند الله الذي يعلم الغيب في السموات والأرض.
أنواع الأخبار الغيبية الواردة في القرآن
...
والأخبار الغيبية الواردة في القرآن ثلاثة أنواع:
الأول: الأخبار الغيبية الماضية "غيب الماضي":
وهي الأخبار التي تحدثت عن الأمم الماضية والأنبياء السابقين عليهم السلام وذلك لعدم تلقي الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهذه الأخبار عن أحد من البشر ولم يقرأها في كتاب، فلم يبق إلا أن يكون تلقاها عن طريق الوحي، ولهذا كان القرآن كثيرًا ما يشير إلى هذا المعنى كقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ﴾ ١ وكقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ ٢ وكقوله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ ٣ وقال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ، إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ ٤ وقوله جل جلاله: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا﴾ ٥ وغير ذلك من الآيات.

١ سورة العنكبوت: الآية ٤٨.
٢ سورة آل عمران: الآية ٤٤.
٣ سورة يونس: الآية ١٦.
٤ سورة ص: الآية ٦٧، ٧٠.
٥ سورة هود: الآية ٤٩.


الصفحة التالية
Icon