القطعة منه، ويظهر في السورة، وسنعرض لك لمحة سريعة عن هاتين المرتبتين:
أولًا: بيان القرآن في قطعة قطعة منه:
فمن صفاته:
١- القصد في اللفظ والوفاء بالمعنى:
وهما طرفان متقابلان الميل لأحدهما ميل عن الآخر فمن أوجز في لفظه لا ينفك من أن يحيف على المعنى قليلًا أو كثيرًا ومن يعتمد إلى الوفاء بالمعنى وإبراز كل دقائقه لا يجد في قليل اللفظ ما يشفي صدره فيسترسل استرسالًا يشعرك بتضاؤل قوة نشاط واضمحلال باعثة إقبالك؛ فإن سرك أن ترى كيف تجتمع هاتان الغايتان على تمامهما بغير فترة ولا انقطاع فانظر حيث شئت من القرآن الكريم تجد وفاء الألفاظ بحق المعاني واحتواء المعاني للألفاظ بحيث لا يستغنى معنى عن لفظة ولا تقصر لفظة عن معنى كما قال ابن عطية:: "لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد"١.
٢- خطاب العامة وخطاب الخاصة:
وهما أيضًا غايتان متباعدتان فما تخاطب به الذكي لا تخاطب به الغبي، وما تخاطب به الطفل لا تخاطب به الكبير، أدرك العرب ذلك وسدوا عجزهم عنه بعبارات مثل "لكل مقام مقال" ونحو ذلك.
وجاء القرآن الكريم وقد ملك الغايتين فهو قرآن واحد يراه البلغاء أوفى كلام وأبلغه، ويراه العامة أحسن كلام وأوضحه.

١ المحرر الوجيز: ابن عطية ج١ ص٦٠، ٦١.


الصفحة التالية
Icon