اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة"١.
وقال القراء في الشافي "التمسك بقراءة سبعة من القراء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سنة، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين، فانتشر وأوهم أنه لا تجوز الزيادة على ذلك، وذلك لم يقل به أحد"٢.
وقد علل مكي بن أبي طالب "ت٤٣٧هـ" سر اختيارهم سبعة فقال: ليكونوا على وفق مصاحف الأمصار السبعة، وتيمنًا بأحرف القرآن السبعة، ثم قال: على أنه لو جعل عددهم أكثر أو أقل لم يمنع ذلك؛ إذ عدد القراء أكثر من أن يحصى٣.
وقد دافع كثير من العلماء عن ابن مجاهد -رحمه الله تعالى- في ذلك بأنه لم يقتصر على هؤلاء السبعة إلا بعد اجتهاد طويل ومراجعة متأنية في الأسانيد الطوال، وكان موفقًا في اختياره الذي حظي بموافقة جمهور العلماء والقراء وتأييدهم؛ حيث إن كثرة الروايات في القراءات أدت إلى ضرب من الإضراب عند طائفة من القراء غير المتقنين، فقد حاول بعضهم أن يختار من القراءات لنفسه خاصة فينفرد بها، فقطع ابن مجاهد عليهم الطريق، ودرأ عن القراءات كيدهم، وعن القراء اضطرابهم، ومما يدل على نزاهته -رحمه الله- وحسن قصده أنه لم يسع إلى أن يختار لنفسه قراءة تحمل عنه، وحين سئل عن ذلك أجاب: "نحن أحوج إلى أن نعمل أنفسنا في حفظ ما مضى علينا أئمتنا أحوج منا إلى اختيار حرف يقرأ به من بعدنا"٤.
وقد أطلت الحديث عن هذه المرحلة لأهميتها، وكثرة المؤلفات والقراء، واتساع علم القراءات فيها.

١ الإتقان: السيوطي ج١ ص١٠٦، والنشر في القراءات العشر: ابن الجزري ج١ ص٣٦.
٢ الإتقان: السيوطي ج١ ص١٠٧.
٣ الإبانة عن معاني القراءات: مكي بن أبي طالب ص٥١.
٤ معرفة القراءة الكبار: الذهبي ج١ ص٢١٧؛ وانظر صفحات في علوم القراءات: السندي
ص٥١، ٥٤.


الصفحة التالية
Icon