فيكتبون مثلًا ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّين﴾ ١ بحذف الألف بعد الميم الأولى ووضع ألف صغيرة للإشارة إلى الألف المحذوفة في قراءة عاصم والكسائي "مالك" وفي حذفها إشارة إلى قراءة الباقين "ملك".
وكذا ما كان فيه أكثر من قراءتين فإنهم يرسمونه بصورة تحتمل هذه القراءات ما أمكنهم ذلك مثل ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَان﴾ ٢ فقد رسمت في المصحف قبل النقط هكذا "إن هذن" للإشارة إلى القراءات فيها وهي:
١- "إنَّ هذانِ" وهي قراءة نافع وابن عامر وشبعة وحمزة والكسائي.
٢- "إنْ هذانِّ" وهي قراءة ابن كثير.
٣- "إنْ هذانِ" وهي قراءة حفص عن عاصم.
٤- "إنَّ هذين" وهي قراءة أبي عمر.
وكما ترى فإن رسم هاتين الكلمتين بلا نقط ولا شكل ومن غير ألف ولا ياء بعد الذال يحتمل هذه القراءات كلها.
وإياك أن تفهم أن الصحابة هم الذين حذفوا النقط أو الشكل وإنما نعني أن عدم وجود النقط أولًا، وعدم وجود الشكل ثانيًا، وحذفهم لبعض الأحرف ثالثًا، كل هذا ساعد على رسم بعض الكلمات بحيث تصلح لأكثر من قراءة.
وقد أنكر بعض الباحثين هذه الفائدة معللًا دعواه بأن النقط لم يكن معروفًا عند الصحابة -رضي الله عنهم- حتى يتعمدوا حذفه لهذا الغرض.
ونحن لم نقل أن الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يعرفون النقط أو الشكل ولكن نقول إن عدم وجود النقط والشكل في تلك الفترة ساعد على كتابة الكلمة بطريقة تحتمل أكثر من قراءة.

١ سورة الفاتحة: الآية ٣.
٢ سورة طه: الآية ٦٣.


الصفحة التالية
Icon