ولم يكن تفسير هؤلاء وغيرهم من الصحابة والتابعين مقتصرًا على علم التفسير بمعناه الخاص بل كان يشمل مع هذا علم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم الناسخ والمنسوخ، وعلم المكي والمدني، ونحو ذلك.
كما لم يكن شاملًا للقرآن الكريم، ولا مدونًا، وإنما كان بالرواية والتلقين.
عهد التدوين:
وفي هذا العهد دونت بعض علوم القرآن الكريم كالقراءات وغريب القرآن والناسخ والمنسوخ وأما التفسير فكان تدوينه حين بدأ تدوين الحديث النبوي، ومر بمراحل قبل أن يكون على ما هو عليه الآن.
فبدأ تدوينه أول ما بدأ على أنه باب من أبواب الحديث، وممن دونه في هذه المرحلة: يزيد بن هارون السلمي "ت١١٧هـ"، وشعبة بن الحجاج "ت١٦٠هـ" ووكيع بن الجراح "ت١٩٧هـ"، وسفيان بن عيينه "ت١٩٨هـ"، وغيرهم، وكان جمعهم للتفسير جمعًا لباب من أبواب الحديث، ولم يكن جمعًا للتفسير على استقلال وانفراد. وجميع ما نقلوه فيها كان بالإسناد ولم يصل إلينا شيء منها١.
ثم دون التفسير مستقلًا وأصبح علمًا قائمًا بنفسه وأشهر من دونه على هذا النحو يحيى بن سلام البصري٢ "ت٢٠٠هـ"، وابن ماجه "ت٢٧٣هـ"، وابن جرير الطبري "ت٣١٠هـ"، وأبو بكر بن المنذر النيسابوري "ت٣١٨هـ"، وابن أبي حاتم "ت٣٢٧هـ"، وابن حبان "ت٣٦٩هـ"، والحاكم "ت٤٠٥هـ"، وابن مردويه "ت٤١٠هـ"، وغيرهم وكل ما في هذه التفاسير كان بالإسناد.
٢ قامت بتحقيق هذا التفسير الأخت الفاضلة الدكتورة هند شلبي في تونس ولم يطبع بعد وقام بتحقيقه أيضًا ثلاثة من الباحثين في رسائل علمية، والموجود من التفسير فيه سقط نحو الثلث في مواضع مختلفة ولهذا التفسير ثلاثة مختصرات "تفسير هود بن محكم" و"تفسير أبي المطرف" و"تفسير ابن أبي زمنين".