ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه" الحديث١ أي أمور تشتبه على كثير من الناس هل هي من الحلال أم من الحرام٢.
وعلى هذا فقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِها﴾ ٣ أي يشبه بعضه بعضًا في الفصاحة والإعجاز وعدم تناقضه، وإبداع ألفاظه، واستخراج حكمه"٤ وهذا هو التشابه العام بين آيات القرآن.

١ متفق عليه.
٢ جامع العلوم والحكم: ابن رجب ص٥٨.
٣ سورة الزمر: الآية ٢٣.
٤ عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: السمين الحلبي ج٢ ص١٢٩٧.

ثانيًا: الإحكام والتشابه الخاص:
وإذا كان القرآن الكريم كله محكمًا بمعنى: أنه متقن لا يتطرق إليه الخلل والنقص، وهو كله متشابه بمعنى: أن آياته يشبه بعضها بعضًا في الإعجاز والفصاحة، فإنه قد وردت آية قرآنية تصف القرآن بأن بعضه محكم وبعضه متشابه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَات﴾ ١، فلا بد أن يكون للإحكام والتشابه هنا معنى غير المعنى الأول، وهو خاص ببعض الآيات دون بعض، ولهذا وقع الاختلاف بين العلماء في تعريف المحكم والمتشابه هنا.
١ سورة آل عمران: الآية ٧.

أقوال العلماء في المحكم والمتشابه:
للعلماء في تعريف المحكم الخاص والمتشابه الخاص أقوال كثيرة منها:
الأول:
المحكم ما عرف المراد منه، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام


الصفحة التالية
Icon