قاعدة يعتذرون بها فقالوا: "لكل مقام مقال" أما أن يأتي كلام واحد يخاطب به العلماء والعامة، والملوك والسوقة، والأذكياء ومن دونهم، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، ويرى فيه كل منهم مطلبه، ويدرك من معانيه ما يكفيه، فذلك ما لا نجده على أتمه وأكمله إلا في القرآن الكريم وحده.
يقرأ فيه العامي فيشعر بجلاله، ويذوق حلاوته، ولا يلتوي عليه فهمه، فتدركه هيمنته، ويستولي عليه بيانه، وتغشاه هدايته، فيخشع قلبه، وتدمع عيناه، فينقاد له، ويذعن.
ويقرأ فيه العالم فيدرك فصاحته، وتهيمن عليه بلاغته، ويملكه بيانه، وتنجلي له علومه ومعارفه، وتدهشه أخباره وأنباؤه، فيجد فيه زمام فكره، وقيادة عقله، ومنهج علمه، ومحار فكره، ورفعة شأنه١ فيذعن: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ ٢ ثم يرفع يديه: ﴿رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ ٣ فتدركه الخشية٤، ويذعن لربه، ويؤمن بشرعه.
والآيات هي هي هنا وهناك لم تتغير ولم تتبدل.
٢- ومن خصائص الأسلوب القرآني الكريم: تصوير المعاني:
ويراد بها إظهار المعاني بكلمات تكاد أن تجعلها بصورة المحسوس حتى تهم بلمسها بيديك وحتى تلج إلى ذهنك مترابطة متكاملة، لا تكلف ذهنك مشقة تركيبها، ولا تثقله بمهمة تجميعها، فتقسره قسرا على الفهم والإدراك، بل تفجؤه بانطباعها فيه بمجرد توجهه إليها.
٢ سورة غافر: الآية ٧.
٣ سورة طه: الآية ١١٤.
٤ قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر من الآية: ٢٨].