أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر"١.
وروى الترمذي عن ابن شهاب قال: "فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجال من أفاضل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم"٢ وقد دافع أبو بكر الأنباري عن اختيار زيد بقوله: "ولم يكن الاختيار لزيد.. إلا أن زيدًا كان أحفظ للقرآن من عبد الله إذا وعاه كله ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي، ولا ينبغي أن يظن جاهل أن في هذا طعنًا على عبد الله بن مسعود؛ لأن زيدًا إذا كان أحفظ للقرآن منه فليس ذلك موجبًا لتقدمته عليه؛ لأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كان زيد أحفظ منهما للقرآن وليس هو خيرًا منهما ولا مساويًا لهما في الفضائل، والمناقب، وما بدا عن عبد الله بن مسعود من نكير فشيء نتجه الغضب، ولا يعمل به ولا يؤخذ به، ولا يشك في أنه رضي الله عنه قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم"٣ وأكد ذلك الذهبي فقال: "وقد ورد أن ابن مسعود رضي وتابع عثمان ولله الحمد"٤ وقال ابن كثير: "وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من الغضب؛ بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف إلى أن قال.. ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق"٥.
فإن قيل كيف جاز للصحابة ترك الأحرف الستة التي أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- قراءة القرآن بها واقتصروا على حرف واحد؟
قيل: إن أمره إياهم بذلك لم يكن أمر إيجاب وفرض، وإنما كان أمر إباحة ورخصة.. وإذا كان ذلك لم يكن القوم بتركهم بقية الأحرف

١ المرجع السابق، ص٢٤، ٢٥، وتفسير القرطبي ج١ ص٥٢، ٥٣.
٢ جامع الترمذي ج٥ ص٢٨٥.
٣ تفسير القرطبي ج١ ص٥٣.
٤ سير أعلام النبلاء للذهبي ج١ ص٤٨٨.
٥ فضائل القرآن: ابن كثير ص٢٠.


الصفحة التالية
Icon