ومنه قيل: مَرَدَ فُلاَنٌ عن القبائِح، ومَرَدَ عن المحاسِنِ، وعن الطاعة، قال تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ﴾ (التوبة: ١٠١)، أي: ارْتَكَسُوا عن الخير، وهم على النفاق.
وقوله: ﴿مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ﴾ (النمل: ٤٤) أي: مُمَلَّسٌ، من قولهم: شجرة مَرْداء، إذا لم يكن عليها ورق، وكأن المُمرّد: إشارة إلى قول الشاعر:

في مَجْدَلٍ شُيِّدَ بُنْيانُه يَزِل عَنْه ظُفُرُ الظَّافِرِ
ومَارِدٌ: حِصُن معروف.
وفي الأمثال: تمرّدَ مارِدٌ، وعَزَّ الأَبْلَقُ، قاله مَلِكٌ امتنع عليه هذان الحِصْنَان.
ومنهم: من توسط بين الأمرين - حيث عَدل عن الاختصار الشديد، وتجاوز الإطالة-: ومثال ذلك: ابن قتيبة (ت٢٧٦هـ) في كتابه: تفسير غريب القرآن.
فعلى الرغم من أن منهجه وُصف (١) بأنه "خليط من منهجي كتب اللغة وكتب التفسير، فهو يضم ظواهرهما معاً، فبينما يفسر الألفاظ لغوياً، ويستشهد عليها كثيراً، بالأشعار، والأحاديث، وأقوال العرب، ويبين وزنها حيناً يفسرها قرآنياً، فيبين - في السور- المدني، والمكي، أحياناً، ويقتبس أقوال مشهوري المفسرين".
على الرغم من هذا الوصف فإنني أذهب إلى أن ابن قتيبة كان معتدلاً في تفسير غريبه، ولم يحدث منه توسع إلا في بابين ساقهما في أول الكتاب:
الباب الأول: اشتقاق أسماء الله الحسنى، وصفاته، وإظهار معانيها [صفحة٦-٢٠]
(١) المعجم العربي: ١/٤٢.


الصفحة التالية
Icon