ثم ينبهنا إلى أنه "ليس كل العرب يعرفون اللغة كلها، غريبها وواضحها، ومستعملها وشاذها، بل هم - في ذلك - طبقات، يتفاضلون فيها، كما أنه: ليس كلهم يقول الشعر، ويعرف الأنساب كلها، وإنما هو في بعض دون بعض"! (١)
وقريب من هذا: ما ذهب إليه ابن الأثير (ت٦٠٦هـ) حين قسَّم الألفاظ المفردة إلى قسمين (٢) : أحدهما: خاص، والآخر: عام.
أما العام: فهو ما يشترك في معرفته، جمهور أهل اللسان العربي، مما يدور بينهم في الخطاب، فهم - في معرفته - سواء، أو قريب من السواء، تناقلوه فيما بينهم، وتداولوه، وتلقفوه من حال الصغر - لضرورة التفاهم - وتعلموه.
وأما الخاص: فهو ما ورد فيه من الألفاظ اللغوية، والكلمات الغريبة الحوشيّة، التي لا يعرفها إلا من عُني بها، وحافظ عليها، واستخرجها من مظانها، وقليل ما هم!
وذهب ابن الهائم (ت ٨١٥هـ) إلى "أن الغريب يقابله المشهور، وهما أمران نِسبِيَّان، فربَّ لفظ يكون غريباً عند شخص، مشهورا عند آخر" (٣).
(٢) النهاية في غريب الحديث - تح. طاهر الزاوي ومحمود الطناحي: ١/٤ -نشر: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - بمصر.
(٣) التبيان في غريب القرآن - تح. د. فتحي الدابولي: ص ٤٨٥- نشر: دار الصحابة للتراث بطنطا: ١٤١٢هـ/١٩٩٢م