وقال الجرجاني في كتابه التعريفات مفرقاً بين اللفظتين: "الفرق بين الإنزال والتنزيل: الإنزال يستعمل في الدفعة، والتنزيل يستعمل في التدريج". ١
وقال الزمخشري عند تفسيره لقوله تعالى من سورة آل عمران: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ﴾ :"فإن قلت: لم قيل: نزل الكتاب وأنزل التوراة والإنجيل؟ قلت: لأن القرآن نزل منجماً ونزل الكتابان جملة". ٢
وقال الراغب الأصفهاني في مفرداته: "والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقاً ومرة بعد أخرى والإنزال عام". فمما ذكر فيه التنزيل قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ (الإسراء: ١٠٦) وقوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ (الحجر: ٩).
وأما الإنزال فكقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (القدر: ١) ؟وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل لما روي أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا ثم نزل نجماً فنجماً". ٣
وقال ابن الزبير الغرناطي في معرض حديثه عن آية سورة آل عمران السابقة: "إن لفظ نزّل يقتضي التكرار لأجل التضعيف.. فقوله تعالى: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ مشير إلى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدعاوى وأنه لم ينزل دفعة واحدة، أما لفظ أنزل فلا يعطي ذلك إعطاء نزّل وإن كان محتملاً.." ٤

١ التعريفات للجرجاني (٧٣).
٢ الكشاف (١/٤١١).
٣ مفردات الراغب، مادة نزل (٧٤٤) - بتصرف - وبصائر ذوي التمييز للفيروزأبادي (٥/٤٠).
٤ ملاك التأويل لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي (١/٢٨٦) تحقيق: د. سعيد الفلاح.


الصفحة التالية
Icon