ومن هنا قيل: بأن بين اللفظتين فرقاً وأن التعبير القرآني عما نزل دفعة واحدة يأتي بلفظ "أنزل"، وما نزل مفرقاً منجماً يأتي بلفظ "نزّل" فاختلاف التعبير دال على اختلاف صفة التنزيل ولذلك لما جمع الله بين القرآن والتوراة والإنجيل في آية سورة آل عمران جاء مع القرآن لفظ نزَّل، ومع التوراة والإنجيل لفظ أنزل للدلالة على ذلك المعنى.
وقد رد أبو حيان القول بالتفريق بين نزّل وأنزل المبني على أن التضعيف في نزّل دليل على التكثير والتنجيم؛ من وجوه:
١ - أن التضعيف في نَزَّل مفيد لنقل الفعل من اللازم إلى المتعدي وليس للتكثير.
٢ - أنه لو كان التضعيف في "نزّل" لإفادة التكثير والتنجيم لما جاء قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ (الفرقان: ٣٢) جامعاً بين التضعيف وقوله: ﴿جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ وهما متنافيان في الدلالة. ١
٣ - إن من أدلة عدم الفرق بين اللفظتين وأنهما بمعنى واحد؛ القراءة بالوجهين في كثير مما جاء كذلك. يقول أبو حيان: "ويدل على أنهما بمعنى واحد قراءة من قرأ ما كان من "ينزِّل" مشدداً؛ بالتخفيف - إلا ما استثني - فلو كان أحدهما يدل على التنجيم والآخر على النزول دفعة واحدة لتناقض الإخبار وهو محال". ٢
٢ البحر المحيط (٢/٣٧٨)، والدر المصون (٣/٢١).