ولكن يشكل على ما ذكرناه ما ورد في بعض الروايات وفيه تعارض لما ذكرناه وهو قول أنس رضي الله عنه (مات النبي ﷺ ولم يجمع القرآن غير أربعة، أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد) ١، ولا إشكال في ذلك لأن الحصر المذكور في الحديث حصر إضافي وليس حصراً حقيقياً بدليل أن قتادة سأل أنساً عمن جمع القرآن في عهد النبي ﷺ فقال (أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت وأبو زيد) ٢، فقد ذكر أنس رضي الله عنه في إحدى الروايتين أبي بن كعب دون أبي الدرداء، وذُكر في الرواية الثانية أبو الدرداء دون أبي بن كعب إضافة إلى ذلك فإن حصر الحفظة في أربعة لا يقول به أحد لوجود البواعث الكثيرة التي تحمل على حفظه وترغب فيه كل الترغيب، ومع توافر الصحابة وكثرتهم إلى حد أنهم بلغوا في آخر عهده عشرات الألوف، وقد جمع الحافظ ابن حجر رحمه الله بين الحديثين فقال يحتمل أن مراد أنس (لم يجمعه غيرهم) أي من الأوس بقرينة المفاخرة المذكورة ولم يرد نفي ذلك عن المهاجرين، ثم ذكر الحافظ أجوبة كثيرة نقلاً عن القاضي أبي بكر الباقلاني منها:-
١) أنه لا مفهوم له فلا يلزم ألا يكون غيرهم جمعه.
٢) المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها إلا أولئك.
٢ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب القراء من أصحاب رسول الله ﷺ ص١٠٨٩ ٥٠٠٣.