٣) لم يجمع ما نُسِخ منه بعد تلاوته وما لم يُنْسخ إلا أولئك.
٤) أن المراد بجمعه تلقيه من في رسول الله ﷺ لا بواسطة بخلاف غيرهم فيحتمل أن يكون تلقي بعضه بالواسطة.
وقال عقب ذلك: وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف، وقال أيضاً: الذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر رضي الله عنه كان يحفظ القرآن في حياة الرسول ﷺ وقد بنى مسجداً بفناء داره وكان يقرأ فيه القرآن، وهو محمول على ما كان نزل منه إذ ذاك، وهذا مما لا يرتاب فيه مع شدة حرص أبي بكر على تلقي القرآن من النبي ﷺ وفراغ باله له وهما بمكة وكثرة ملازمة كل منهما للآخر وقد أخرج النسائي بسند صحيح عن عبد الله بن عمر قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبي ﷺ فقال: اقرأه في شهر١.
وقال القرطبي: قد قُتِل يوم اليمامة سبعون من القراء، وقتل في عهد النبي ﷺ ببئر معونة مثل هذا العدد، وإنما خص أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم دون غيرهم، أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم ٢.
وخلاصة القول في هذا: أن الصحابة في عصر النبي ﷺ عنوا عناية كبيرة وفائقة بحفظ القرآن الكريم، فمنهم من حفظه واستظهره، ومنهم من حفظ بعضه، وما روي عن أنس في هذا مؤول بما ذكرناه.

١ انظر الحديث في النسائي في السنن الكبرى، كتاب فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن ٥/٢٤، وانظر فتح الباري شرح صحيح البخاري ٩/٥١، ٥٢، البرهان للزركشي ١/ ٢٤١ ٢٤٢، الإتقان للسيوطي ١/٢٠٠
٢ لم أجده بهذا اللفظ في الجامع ولا في التذكار، إنما ذكره التأخرون ومنهم الزرقاني، مناهل العرفان ١/٢٤٥.


الصفحة التالية
Icon