افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ قَالَ وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ١.
وفي مجال القوة والجهاد امتثل للآيات القرآنية التي تعني بالجهاد مثل قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (الأنفال: ٦٠)، فجاهد عليه الصلاة والسلام بنفسه وماله ولسانه، جاهد بنفسه لحماية العقيدة ولإعلاء كلمة الله وصد العدوان، فكان قائد المجاهدين وأولهم لنيل الشهادة في سبيل الله، وجاهد بماله فأنفق وتبرع حتى إنه كان لا يترك في بيته إلا ما يحتاج إليه، وجاهد بلسانه للترغيب في الإسلام وللدفاع عنه وعن مصالح المسلمين فكانت المعارك الكبيرة والانتصارات الحاسمة من المسلمين على الكفار في التاريخ الإسلامي، وما ذاك إلا لامتثاله لتعاليم القرآن الكريم.
وفي مجال الأخلاق اتصف وامتثل عليه الصلاة والسلام بالأخلاق الفاضلة التي جاء القرآن بها حتى قالت عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن) ٢، ودلالة هذه الكلمة على عظمة محمد ﷺ تبرز من نواحٍ شتى ومن أهمها كونها من عند الله الكبير المتعال، وقد قال الإمام فخر الدين
٢ انظر ص ٥٣.